مراجعة وتحليل الفصل الاخير من مانجا Attack on titan | هجوم العمالقة
مانجا Attack on titan ..
مانجا Attack on titan ..
حرق .. الفصل الأخير 🔥🔥🔥🔥🔥
الإنسان البسيط والكائنُ المتفوّق :
الإنسان البسيط والكائنُ المتفوّق :
من الجيّد أنَّ ايساياما تمكّن على الرغم من زحمة الأحداثِ وتسارعها وتخبّطه في بحرِ الأسئلة التي رماها طُعماً دونما صيدٍ لأجوبةٍ تغلقُ على المتابعِ بوابةً الحيرة ، تمكّنَ أخيراً من صدِّ بابِ المعادلةِ الزمنية في القصّة وربطها بالأحداثِ جميعها أولاً وبالفلسفاتِ الكثيرة التي تطرحها القصّة ثانياً
" الماضي والمستقبل يلتقيان بنقطةٍ واحدة هي الآن "
تحدّثتُ في بوستٍ خاص عن فلسفة فريدريك نيتشه الخاصة بالزمن وتأثيرها على القصّة وكيف ارتبطت بالحريّة والإرادة الفردية والكائن المتفوّق ..
كنتُ انتظرُ لأرى الهيئة الأخيرة لإيرين ييغر القابعة داخل جسدِ الشابِ الذي أدّى مهمّته ككبسولةٍ تحتوي الأشكال المختلفة لشخصية إيرين ييغر كحاملٍ أخير لقدرة العملاق المهاجم ..
صُدمتُ بهيئةِ الحامل الأخير التي كنتُ أظنّها ستتجلّى بوحشٍ مترقّب ، أو شيطانٍ متأهّبٍ يحرّك الأحداثِ وينتشي بها أملاً بالحريّة ...
كانَ الحامل الأخير ، والكائنُ المتفوّقُ الذي سمى على ذاته يختارُ قراراً ويغيّر مساراً ، هو شابٌّ بسيطٌ بإنسانيّتهِ كاملةً ، بمشاعرهِ الرقيقة ، ورغباتهِ اللطيفة ، وأحلامهِ العاديّة ، وأمانيهِ الساذجة ، كأيِّ إنسانٍ يسيرُ مع الوقتِ راجياً من حياته أن تستمرَّ يقضيها مع محيطٍ أحبّه بتفاصيله الأنية ، كأي كائنٍ بشريٍّ تعلّم الحبَّ كشرطٍ من شروط السعادة وراحةِ البال ..
كانَ بسيطاً ، ينفجرُ أمام رفيقه المفضّل كقنبلةِ أحاسيسٍ مكبوتة حينما يحدّثه عن فتاةٍ أحبّها ، يصفُ له الحياةَ التي تمنّى أن يعشيها ، يطلبُ العفوَ والغفران لما ارتكبه ، يذرفُ الدموعَ مُجبراً ، ويحكي ما رآهُ وهو يتجوّل في اللحظات الهائمة من منظورِ الإنسانِ لا من منظورِ شابٍّ يبحثُ عن الانتقام ..
الإنسانُ البسيطُ الذي رأيناه هو الذي دفعَ بالهيئاتِ الأخرى من إيرين أو من حملةِ المهاجم الآخرين ليسيروا صفوفاً متداخلة ، في أزمانٍ مختلفة ، للوصول إلى النقطةِ الأخيرة ، حريّةُ الخيار ، وحريّة الحدثِ الواقع في لحظةٍ ما من الزمن .
لم يكن شيطاناً ولا ذئباً متوحّشاً يسرقُ الحياة أرواحها ، بل كان لبّاً من الإنسانية التي توصلُ رسالتها بوسيلةٍ تبدو بظاهرها دموية ، هنجعية ، لا منطقية ، لكنّها حقّقت مقصدها بسنِّ بذور المحبة وتجذيبها ، تاركةً حريّة القرار لمن بقوا ، إما أن يدركوا الحبَّ كما أدركهُ إيرين فيرتقونَ لمرتبةِ الإنسان البسيط ، أو أن يُجحفوا ما في الأرضِ من بذارٍ فيبقى البشرُ على نهجِ الحقدِ صامدين ..
هذا الشابُ البسيط أعطاهم أكثرَ ما كان مسلوباً منه ....الحرية .
فقراراته جميعها كانت نتيجةً وسبباً في حلقةٍ من القرارات بمختلفِ اللحظات والأوقات ، حتّى الكائنُ المتفوّق والحامل الأخير لم يكن حرّاً في خياراته ، فهو مجبرٌ على استكمال الحلقة وإلّا انهارت جميع القرارات والأحداث على بعضها في الفراغِ المستعصي بالكراهية .
الشاب البسيطُ سلبَ من نفسه الحريّة ، والتي هي بدورها سلبت منهُ كينونته كاملةً ، تخلّى عنها لتتخلّى عنه في مسارٍ دائري لا يمكن أبداً مهما بحثنا معرفةَ بدايته من نهايته ..
فقرّر منحَ مسلوبته ، لشعبه ، للعالم بأكمله ، لأصدقائه ، حينما أعطاهم حريّة اتخاذ القرار من بعده ، ولمحبوبته حينما أعطاها حرية القرار بقتله والتحرّر من السلاسل التي قيّدت حياتها في زنزانةِ حبّه ..
هذا الإنسانُ البسيط ، الحامل الأخير ، كائنٌ متفوّقٌ لأنّه بلغَ أقصى درجاتِ المحبّة ، محبّةٌ صوفية وحالة ذهنية لا يمكنُ لعقلِ البشريِّ العاديِّ أن يفهمها ، لا مكانَ لها كشعورٍ في قلبِ البشر ، ما لم يتخلّوا كاملاً عن حبِّ الذات والمساعي الأنانية ، ويتزهّدوا عّما طاب في الحياة من الملذّاتٍ الشخصية ، في هذا السكونِ الروحانيِّ التامِ عن ضجيجِ الحياة ، كانَ الحاملُ الأخير يسيّر مراسيله على الأرض ويحرّك عقاربَ الساعات ، من أجلِ الحبِّ فقط ..
محبّةُ الإنسان لأمّه ، لعائلته ، لبلده ، لعالمه ، لشريكه ، كلّها مشاعرٌ قد تنبعُ عن مصلحةٍ متبادلةٍ بين طرفين ، أو عن رغبةٍ ظاهرةٍ كانت أم دفينة لتحقيق غاية ، تأتي مهما كانت صافية وعذبة عن حبِّ الذاتِ بدايةً والدافعِ في تأمينِ ما يناسبها ويتماشى معها لتستمرَّ في الحياة ..
كما الكراهية تماماً ، كلاهما ، الحبُّ الذي نعرفه ونتعامل معه يومياً والكراهية ، كلاهما شعوران طافيان على سطحِ الوعي بعدَ أن دفعهما حبُّ الذاتِ المختبئ عميقاً كي يظهرانِ علناً ، ويحقّقانِ ما للذّاتِ من مصالح
الحامل الأخير ، ضحّى بحبّه لأمّه ، لأصدقائه ، لبلده وعائلته وشريكته كي يتغاضى عن حبِّ الذّات والرّغباتِ العميقة بإشباع الأنا ، لقّن الهيئات الأخرى التي عاشت في جسدِ إيرين شتّى أنواعِ الحِقدِ والرغبةِ بالانتقام ، اختبرَ الكرهَ والحبَّ بوقائعَ ملموسة ومقاصداً محسوسة ، ثمَّ تخلّى عن كليهما ، عن التقليد والمتعارف ، ليسموَ في الوجودِ كائناً متفوّقاً وراصداً عيناً بعد أن فدى بنفسه قرباناً لحقيقة الحبِّ .
الحبُّ بأبهى حُلله :
الحبُّ بأبهى حُلله :
إحدى الفلسفات الجميلة التي قدّمها ايساياما في قصّته ، كعادته ، ينتقي أكثر العوامل التي تؤثّر على حياتنا ليتلاعب بمشاعرنا ويضعنا في معتركٍ مع ذواتنا نخوض صراعَ الجدليّة لا منطقاً يحكم قوانينه ولا حَلَبةً ترسمُ حدوده .
فلسفة الحبِّ ( وأقصدُ هنا المعنى الضيّق للحبِّ ، وهو الشعور المتبادل بين شابٍّ وفتاة ) مرّت بتغيّراتٍ مؤتمتة عبر العصور منذُ أن كانت الفلسفة الطريقة الوحيدة لتفسير الحياة حتّى عصر العلمِ الذي بدأ يؤطّر الحياة بمنهج الحقائق العلمية ..
كانت الأساطير اليونانية القديمة تربطُ الحبَّ برغبة الإنسان في البحث عن الكمال بعد أن عاقب الإله زيوس البشر بقسمِ كلِّ ذاتٍ بشرية منذ خلقها إلى نصفين ، فيقضي الشخصُ حياته باحثاً عن نصفه الآخر ليتكمل وجوده في الحياة ويتجاوزَ العقاب الإلهي بكفّارةِ الحبّ .
درسَ الفلاسفة شعور الحبِّ كأحد الأسرار الوجودية الرئيسية التي تميّز البشر عن بقية الكائنات ، وحاولوا فهم الدوافع والأسباب وكذلك النتائج التي يتركها هذا الشعور في شخصية الفرد ، مبادئه وطريقة تفكيره .
قال الفيلسوف البريطاني روسيل أنّ الحبَّ هو حاجة فيزيائية ونفسية تعين الفردَ في التغلّب على مصاعب الحياة من خلال الحنيّة والدفء الذي يمنحه له الشريك .
أما شوبنهار فقد ربطه بالرغبة الجنسية والتكاثر لحفظ النوع فقط .
علم النفس التطوري أعطى لبعضِ فكار شوبنهار صبغةَ الحقيقة ، فقد تطوّر شعور الحبِّ من مجرّد غريزة لحفظ النوع ، إلى خريطة نفسية معقدة من المشاعر والأفكار والقدرة على التحليل ، وتكوين الهوية الشخصانية للبشر .
بالإضافة لعلم النفس الاجتماعي الذي درس سلوك الجماعات البشرية منذ نشأتها ، ما بين رغبة البشر في التجمّع لحماية أنفسهم من الوحوش الضارية ، إلى رغبتهم في التجمع للتعاون ومقاومة الظروف ، إلى عدم قدرة البشر على العيش إلّا ضمن جماعة ، إلى رغبة الفرد في البحث عن الجماعة التي تلائم حاجياته وتدعم أفكاره ، وهنا يكمن دور الحبِّ في دفع الفرد لقتلِ العزلة والبحث عن شريك يقاسمه مقتطفات الحياة المختلفة .
درس علم وظائف الأعضاء كذلك الآليات الفيزيولوجية للحبِّ ما بين هرموناتٍ ترتفع وبعضها ينخفض ، والمراحل المختلفة من مشاعر جياشةٍ وخرقاء أحياناً لعلاقة عقلانية تؤمّن البيئة المناسبة لاستمرارِ الرابطة بين الشريكين .
لا زالت الدراسات قائمة لفهم الحبِّ علمياً ولا زال ربطه بالفلسفة أمراً أساسياً ، لأنَّ الفلسفة تدور حول فهم الحياة ، وفهمُ الحياة نابعٌ من قدرة البشر على التحليل ، والبشر يمرّون بإحدى المراحل التي قد يشعرون بها بالحبِّ ويسعون لتطوير تلك المشاعر إلى علاقة مطوّلة ، كما ولا ننسى أنّه لا توجود موثيولوجيا لم تتناول موضوع الحبِّ وقصّت حوله الحكايات والملاحم كأحد دعائمها الأساسية لفهم الحياة والوجود .
يحاول ايساياما ربما من خلال تشبيه حبِّ يومير لفريتز بعلاقة إيرين وميكاسا أن يقدّم نماذجاً مختلفة من الحب باختلاف النظريات سواء العلمية أو الفلسفية حوله .
حبُّ يومير لفريتز أقرب لاضطرابٍ نفسي يدعى ب ( متلازمة ستوكهولم ) ، وهو أحد الاضطرابات المدروجة حديثاً يشعرُ الفردُ بسببه بمشاعر إيجابية اتّجاه شخصٍ أذاه أو اعتدى عليه أو عذّبه وأرهبه .
أحد أشهر الأمثلة هو وقوع الضحية في فخِّ التعاطف مع خاطفها ، لدرجةٍ قد ترفض بها الضحية التحرّرَ من الخاطف وتساعده في الهرب من ملاحقيه وممن يرغبُ بإنقاذها منه وقد تصل لدرجة الوقوع بحبّه .
درس علم النفس ذلك الاضطراب ووعزه تاريخياً إلى الفترات القبلية حينما كانت القبائل تشنُّ الغارات على بعضها ، تختطف النساء وتمارس ضدّهنَّ كافة أنواع الانتهاكات ، فتبدأ الضحية كأحد أساليب الدفاع عن النفس بالتطبّع شيئاً فشيئاً بمبادئ المعتدي وتنسخ أفكاره ظنّاً منها أنّها في حال وافقتهُ وجهة النظر ستحمي نفسها من العنف الممارس بحقّها .
بدأ ذاك السلوك القبلي للدفاع عن النفس يتطوّر ويتحوّل لأحد الاضطرابات العصرية التي تستحقُّ المتابعة والدراسة .
إذاً لم يعد الحبُّ شعوراً جميلاً يكسبه الفرد نتيجة تجربةٍ ودية ودرامية مع شخصٍ آخر بل أثبتت ستوكهولم أنه شعورٌ بدائي يُستخدم لإشباع غرائز معينة كالتكاثر أو الدفاع عن النفس وغيرها .
فشتّان بين ما هذا الشعور البدائي الذي مارس خدعةً عقلية بحقِّ صاحبته وربطها بكائن متوحّشٍ أقرب للحيوانات من البشر ، ودفعها بعد أن لامست أصل الحياة لخلقِ قدرةٍ هدّامة بُنيت حولها مئات الروايات التاريخية التي نصّبتِ البشر بيادقاً على خطوط الاقتتالِ والكراهية .
وبين علاقة الحبِّ التي جمعت إيرين وميكاسا .
تلك الرابطة التي كَبُرت منذ الصغر معهم ، خضعت للتقلّب والتذبذبِ والتأقلمِ كما كانت طفولتهم ، خاضوا التجارب معاً ، عانوا معاً ، تبادلوا القيمَ والأحلام ، تشاركوا التفاصيل البسيطة ، وكبرَ الحبُّ معهم شيئاً فشيئاً ، فالهموم أصبحت أكبر ، والتفاصيل تجاوزت البيت والحارة والمقاطعة الصغيرة لتسيرَ مع حدودِ العالم الشاسعِ قسوةً والمكتظِّ فساداً ، فيصبحَ العالمُ الجديدُ الذي تطوّر في منظورهم بأمسِّ الحاجة لبعضِ الجمال يعينهم على احتواء هذا العالم وتقبّله كواقعٍ لا بدَّ من وجوده .
ليست مجرّد علاقةٍ عادية ، وشعورٍ هائمٍ بتسارع دقات القلبِ أو الرغبة بالتقرّب والتشارك وبالتصاحب ، بل علاقة سامية انهارت عندها قوانينُ الحبِّ المفروضة بالأنانية والرغبة بالتملّك والسيطرة أو المنفعة المتبادلة وتحقيق المكاسب الشخصية ، إلى أسمى درجات اللاأنانية والتخلّي عن الذات في سبيل الآخر دونَ شروطٍ أو اتفاقيات .
ميكاسا كرّست قواها التي اكتسبتها كأكرمانية بشكلٍ كامل لحمايةِ إيرين ، غيرَ آبهةٍ بحياتها ، وتبعته مخالفةً أحلامها التي تريد تحقيقها معه ، أو الحياة التي رسمتها في خيالها ، قاست آلاماً نفسية وجسدية لا يمكن لإنسانٍ عاديٍّ أن يتحمّلها ، ولم ترغب في التخلّي عن العبءِ الذي تحمّلته كنتيجةٍ لحبّها له .
إيرين منعَ نفسه عنها ، أحبّها بعيداً وجالَ بهيئاتهِ عبرَ الأزمنةِ يحميها ، ضحّى بمشاعره اتّجاها حينما أبعدها عنه بأسلوبٍ جارح ، وجرحها مرّةً ليجرحَ نفسه مئةَ مرّة ، أنقذها مراراً وتكراراً ، حتّى أنقذها من نفسها مانحاً إياها خيارَ قتله وتفكيك اللعنة بعدَ أن أصبحت ميكاسا على مرأى عيون يومير رمزاً للحرية.
أعطاها الحريّة من سلاسل حبّه فخوراً بها ، بشجاعتها ، واثقاً أشدَّ الثقةِ بقوّتها وقدرتها على تحمّل الحياة من بعده ، مانحاً إياها دورَ البطولة الرئيسيِّ في القصّة ، لتعطيه الحريّة من سلاسلِ الحياة كضيفِ شرفٍ عابر .
هذا الحبُّ متناقضٌ وغريب ، قاسٍ وجميل ، لكنّه سهلٌ وبسيطٌ ، خلعَ رداءَ المادية وأصبح بريقاً لا ملموساً ينتقلُ من خطِّ زمنيِّ لآخر ، يبني الحججَ المنطقية محرّكاً سيرورة الحياة ، قاتلاً حلمهم المشترك وجامعاً أياهم على الحبِّ السامي هي تبكي على قبره وهوَ يغفو حرّاً في سبات .
أصبحنا نعلم جميعاً أنَّ الهيئة الأخيرة لإيرين تلاعبت بمئاتِ الأحداث ( في المستقبل والماضي ) للوصول للنهاية ( الآن ) ، هل يمكننا حقّاً استيعابُ العدد الهائل من الأحداث التي مشّاها وسيّرها ؟
لا شيءَ كان صدفةً في هذه القصّة .. تذكّروا هذه المشاهد وحاولوا أن تربطوها بقدرة العملاق المهاجم ومشاعر إيرين اتّجاه ميكاسا .
- اللحظة التي علمَ فيها إيرين الصغير مكان ميكاسا وقام بإنقاذها باللحظة المناسبة قاتلاً بشكلٍ غير منطقي رَجلين بالغين ببرودةٍ وثقة .
- اللحظة التي قام فيها العملاق المهاجم بإنقاذ ميكاسا حينما نفذَ الغاز منها في معركة تروست .
- اللحظة التي هاجم بها العملاق المهاجم ميكاسا في تروست .
- اللحظة التي سألت فيها إيرين ميكاسا عن حقيقة مشاعرها .
- اللحظة التي أخبر إيرين ميكاسا بأنه يكرهها .
كلُّ تلك اللحظات كانت هناك هيئاتٌ مختلفة من إيرين تنفّذ طلبات الحامل الأخير كما نفّذ غريشا حكم الإعدام بحقِّ العائلة الملكية .
والصراعُ واضحٌ بين هيئاته ، منها ما رضخَ لرغبةِ الحاملِ الأخير بإبعادها والتخلّي عن مشاعره ، ومنها من تمكّن بعنفوانِ المشاعرِ الوصولَ لها ولو بشكلٍ خجول .
منها ما حاول قتلها لأنّها أكثرُ ما سيثير رغبته وتعلّقه بالحياة ، لأنّها أكثرُ من جعل قلبه عصيّاً على الموت .
ومنها ما أنقذها ليشتهي بها فحوى العَيش ، ومنها ما أنقذها لتقتله ، وتتشابكُ الحلقات وتتعقّد الخيوط التي تصلُ بنا للمسارِ الأخير .
الموثيولوجيات والحُب :
الموثيولوجيات والحُب :
كان الحبُّ موضوعاً رئيسياً ودعامةً قامت عليها كلُّ الموثيولوجيات دون استثناء .
من درسَ علم الموثيولوجيات يعلم تماماً أنَّ للموثيولوجيات نفس الأساس ، نفس القاعدة ، ولكن يختلف البناءُ هندسياً وشكلياً بين موثيولوجيا وأخرى ..
إحدى أشهر قصص الحبِّ والوفاء في الموثيولوجيات هي قصّة حبِّ الآلهة إيزيس والإله أوزوريس في الموثيولوجيا المصريّة .
وقبل أن نكمل بها أريد أن أشير إلى أنَّ هذه القصّة تحوّلت وتحوّرت لقصصٍ مشابهة في موثيولوجياتٍ أخرى كالآلهة ( إيزا ) و ( أوزير ) في الموثيولوجية اليونانية ، وكذلك ( عزّة ) و ( عزير ) في الموثيولوجية العربية القديمة .
جميها تحملُ الأساس ذاته ، ولكنَّ التسميات تختلف قليلاً مع اختلاف بعض الدلائل والرمزيات .
لنعود إلى مصر ..
إيزيس ، آلهة الخصوبة والأمومة في مصر القديمة ، أحبّت زوجها أوزوريس حبّاً وُصِفَ أنَّ البشر لا يمكنهم إدراكه أو الشعور به .
قُتلَ أوزوريس بعدَ مؤامرةٍ من رمز الشرِّ في مصر وهو الإله ( سيت ) وقطّع جسد أخيه إلى أشلاءٍ ورماها في النيل .
أيزيس بقت على عهد الوفاء وحبّها لزوجها وبدأت تبحث عن أشلائه على ضفاف النيل وهي تبكي ، كانت دموعها تختلط بالنّيل لدرجة أنّه فاض وغمر الأراضي المجاورة ، كانت تحوّل نفسها ليلاً إلى نسرٍ مقدّس كي لا يقوم جيش سيت باعتقالها وفي إحدى الليالي همست الرّياح في أذنها تخبرها أنَّ أوزوريس ينتظرها تحتَ شجرةٍ على شاطئ بيبلوس ، ذهبت إلى هناك ولم تجد جسد محبوبها وبدأت تحوم حول شجرة أوزوريس وهناك حدثت معجزة حينَ حملت من روح أوزوريس بابنهما حورس ، إله الحريّة والسماء والشمس والانتقام ، كان يعشقُ الحرية لدرجة أنّه يقوم باقتلاع عيونه عند تقييده وصوّره المصريون في رسومهم الجدارية على هيئة صقر .
عادت إيزيس بابنها الصغير إلى مصر تُخفيه بين ملابسها خوفاً من سيت ، كَبُر حورس وحارب سيت وخلّص البشرية من الشرور والحقد الذي لازم عصر سيت .
وتتشابه الحكاية مع بقية الأساطير وإن اختلفت التسميات والتفاصيل ، الحبُّ والوفاء دائماً كان منقذاً للأبطال وقوّةً دافعةً ومِرساةً للمعجزات التي ستعين الأبطال بأن يطغى حبّهم على الشّرِّ وأن يخلّصوا العالم من الكراهية والظلم .
ارتبطت قصّة إيزيس وأوزوريس بفلسفة الحريّة ، فكان نتاج حبّهما كائناً يعشقُ الحريّة ودفعه عشقه ذاك لتخليص البشرية من الظلام وإرساء الدعائم لعالمٍ يملؤه المحبّة والسّلام .
كان نتاج علاقة إيرين بميكاسا هو الحريّة كذلك ، تحرير يومير من تاريخها المشؤوم ، تحرير الإلديان من لعنة العمالقة ، تحرير البشرية من قيود الأحقاد ، تحرير إيرين من واجبه والعبء الذي أثقله ، تحرير ميكاسا من واجبها كأكرمانية اتّجاه مضيفها وكذلك من واجب حبّها كفتاةٍ سقطت في حبِّ الشّاب وأخلصت له إخلاصاً عظيماً .
الطائرُ الذي ظهر أخيراً هو رمزٌ للحريّة ، الحبِّ والوفاء الأبدي ، يحملُ رسالةً بأنَّ الحبَّ هو حارسُ العالم الجديد ، وما دامَ الحبُّ موجوداً فلا خوفاً على هيئةِ العالم بأن تنهارَ وتنحدرَ للظلمةِ مجدّداً .
بعدَ أن وضّح لنا ايساياما أنَّ مفهوم الحبِّ يختلفُ كثيراً ، منه ما هو ساذجٌ ومنه ما هو مرضٌ ومنه ما هوَ كذبةٌ ، فإنَّ الحبَّ الذي رأيناه بين إيرين وميكاسا هو أسمى الأشكال ، والحقيقة المطلقة التي كان بها خلاصُ العالم وملاذه الأخير بينَ أحضانِ السلام .
بالنسبة لي ولا أريد لأحدٍ أن يوافقني الرأي ، ايساياما قدّم أعظم قصّة حبٍّ في عالم القصصية والخيال ومن الصعب جدّاً بناءُ قصّةٍ حبِّ كهذه مجدّداً وربطها بالتفاصيل الحدثية كما فعل ايساياما .
بتُّ الآن أسخر وابتسمُ حينما أذكر أنّنا اتّهمنا ايساياما بالجفاف العاطفي والنشفان الشعوري نتيجةَ عدم وجود مشاهدَ حبٍّ أو حتّى الإعلانُ عن حبٍّ صريحٍ بين الشخصيات الرئيسية فزادَ هذا اختلافه عن بقية القصص .
تبيّن أنَّ Attack on titan هو عوالمٌ من الحب ، بدأ بالحبِّ وانتهى به .
#hazar
#أتاكيون